انتخابات كندا 2025.. الاقتصاد والخوف من أميركا يحسمان المعركة

في واحدة من أكثر اللحظات حساسيةً في تاريخ السياسة الكندية الحديث، تتجه الأنظار إلى انتخابات مبكرة ستُجرى في 28 أبريل نيسان 2025، فجّر رئيس الوزراء الجديد مارك كارني الذي خلف جاستن ترودو في مارس آذار الماضي، مفاجأة بإعلانه الدعوة لانتخابات مبكرة، مستغلاً الزخم المتزايد لحزبه الليبرالي الذي كان يعاني تراجعاً تاريخياً حتى وقت قريب.
تعتمد كندا نظام «الأول في الترتيب»، إذ يفوز بالمقعد المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات في كل من الدوائر الانتخابية الـ343، ما يتيح للحزب الحاكم تشكيل حكومة بالأغلبية دون الحاجة للحصول على غالبية الأصوات الشعبية، كما حدث في انتخابات 2019 و2021.
تغيير المشهد السياسي في أشهر قليلة
أظهرت استطلاعات أبريل نيسان أن الليبراليين يتجهون لحصد نحو 190 مقعداً، ارتفاعاً من 41 مقعداً فقط في يناير، مع توقعات بأن تتجاوز فرصهم 68 في المئة لتحقيق الأغلبية المطلقة (172 مقعداً)، باستثناء ألبرتا وساسكاتشوان ومانيتوبا، باتت معظم المقاطعات تميل نحو الليبراليين.
ما حدث اليوم «يوم الحملة الانتخابية الأخير» والمحور الاقتصادي
استأنف رئيس الوزراء الكندي مارك كاري حملته الانتخابية، يوم الأحد، بعد توقف قصير إثر الحادث المأساوي الذي شهدته فانكوفر، إذ لقي 11 شخصاً على الأقل مصرعهم وأصيب العشرات عندما دهس رجل حشداً في مهرجان للجالية الفلبينية. وفي اليوم الأخير من الحملة، وجَّه كاري، إلى جانب زعيم حزب المحافظين بيير بويليفر، آخر رسائلهما للناخبين قبل الانتخابات المزمع إجراؤها يوم الاثنين. وتركزت الحملة الانتخابية بشكل كبير على القضايا الاقتصادية، إذ كانت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهدد بتفاقم التوترات التجارية بين البلدين. كما أن تصريحات ترامب المستفزة حول إمكانية ضم كندا إلى الولايات المتحدة كانت حاضرة في خطاب المتنافسين، وعلى الرغم من أن تأثير الحادث في فانكوفر على سير الانتخابات لا يزال غير واضح، فإن بويليفر استغل المناسبة لتوجيه التعازي للجالية الفلبينية في كندا، مشيراً إلى أن هذه المأساة تعكس المعاناة التي يتعرض لها العديد من المواطنين.من جهة أخرى، تعهَّد بويليفر بتخفيض الإنفاق على المساعدات الخارجية وإلغاء ضريبة المبيعات الفيدرالية على السيارات الكندية طالما استمر فرض الرسوم الجمركية من قِبل الولايات المتحدة. وفي سياق متصل، أكد كاري أنه يملك الخبرة اللازمة لتوجيه كندا خلال الأزمة الاقتصادية التي تسبب بها ترامب، مستعرضاً تجربته كخبير اقتصادي ورئيس سابق للبنك المركزي.
الخوف من أميركا يحسم المزاج الانتخابي
لعبت أزمة العلاقات مع أميركا دوراً محورياً في ترجيح الكفة، فحسب استطلاع حديث، اعتبر 50 في المئة من الكنديين أن العلاقات مع أميركا هي القضية الأهم لديهم، متفوقة على التضخم وأزمة السكن.خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية جديدة وتصريحاته المثيرة للجدل حول «ضم كندا» زادت الغضب الشعبي، لدرجة أن 61 في المئة من الكنديين بدؤوا مقاطعة الشركات الأميركية.في هذا السياق، بدا كارني خياراً مفضلاً بفضل خبرته الاقتصادية، فيما خسر المحافظون بقيادة بيير بولييفر أرضية واسعة بسبب تشابه خطابهم مع الجمهوريين في أميركا، رغم انتقادهم العلني لترامب مؤخراً، خسر المحافظون نحو 8 في المئة من دعمهم خلال الربع الأول من 2025.من الناحية الاقتصادية، بينما يقترب يوم الانتخابات، يبدو أن الوضع الاقتصادي سيكون العامل الحاسم في تحديد هوية رئيس الحكومة المقبل، إذ تتأثر كندا بشكل مباشر من الحرب التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة، التي أحدثت شللاً في بعض القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل السيارات والصناعات الثقيلة. وفي الوقت نفسه، تزداد الضغوط على الحكومة الكندية لتقديم حلول سريعة للأزمة الاقتصادية التي أفرزتها سياسات ترامب.يتضح أن كاري يعوّل على تعزيز النمو المحلي وتقديم حلول لمواجهة الآثار السلبية للرسوم الجمركية، في حين يسعى بويليفر إلى إعادة النظر في الأولويات الاقتصادية الكندية، مع التركيز على تخفيض الأعباء الضريبية وتعزيز الإنتاج المحلي. وإذا ما تم تطبيق خطط بويليفر، قد تجد كندا نفسها في حالة من التأثير السلبي على علاقاتها التجارية الدولية، خاصة مع شركائها الرئيسيين مثل الولايات المتحدة.
تعليقات